العدد الرابع عشر

المغرب العربي: الكنز الثقافي المغيَّب

عندما نتحدّث عن الثقافة العربية، يتبادر إلى الذهن سريعًا المشرق: مصر ولبنان وسوريا وفلسطين، حيث وُلد كبار الأدباء والشعراء الذين ملأوا صحافتنا ومكتباتنا بأعمالهم الخالدة. غير أنّ هذا التركيز التاريخي جعل منطقة أخرى من عالمنا العربي، غنية بتراثها وإبداعها، تبقى في الظلّ؛ إنّه المغرب العربي.

المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، بلدان تحمل رصيدًا ثقافيًّا متنوّعًا وعريقًا، يمتدّ من الشعر الملحون والزجل الشعبيّ إلى الفكر الفلسفيّ والفن الحديث. وعلى الرغم من عمق هذه التجربة، فإنّ حضورها في الصحافة العربية ما زال محدودًا، وكأنها هامش بعيد من المركز. لكنّ الحقيقة أنّ المغرب العربي لا يقلّ إشعاعًا عن المشرق، بل يملك خصوصية حضارية نادرة، إذ يدمج بين الأمازيغيّ والعربيّ والأندلسيّ والإفريقيّ، ليُبدع لوحة ثقافية متفرّدة.

في المغرب، مثلًا، نجد أسماء أدبية بارزة أثرت الأدب العربي الحديث شعرًا ورواية وفكرًا. وفي الجزائر، امتزج الأدب بمسيرة النضال والتحرر، ليثمر إبداعًا يجسّد الذاكرة والهوية. أمّا تونس فقدّمت مفكرين ومبدعين أسهموا في إثراء المكتبة العربية بأعمال رصينة وجريئة. وحتى موريتانيا وليبيا، فهما تملكان بدورهما رصيدًا زاخرًا من الشعر والتاريخ الشفهيّ والإبداع الذي يستحقّ مزيدًا من الاهتمام.

إنّ المشهد الثقافي في المغرب العربي يفيض بالحياة: من الموسيقى الأندلسية إلى المسرح والسينما، ومن الزجل الشعبيّ إلى الفلسفة والفكر المعاصر. فسيفساء نابضة بالحيوية، جديرة بأن توضع في قلب المشهد الثقافي العربيّ لا على أطرافه.

وفي هذا العدد من البعد الخامس، نفتَح ملفًّا خاصًّا عن المملكة المغربية، لنقترب من شعرائها ومفكّريها وأصواتها المبدعة، ونكتشف نبض ثقافتها الذي طالما ظلّ محجوبًا عن الأعين. فالمغرب ليس مجرّد وجهة سياحية، بل فضاء ثقافيّ خصب يضيف أبعادًا جديدة إلى الهوية العربية المشتركة، ويمنحها طاقة متجددة لمستقبل أكثر إشراقًا.

شادي منصور

المدير العام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى